
رجل صنع اسمه بالمواقف قبل الألقاب
في زمنٍ تتغيّر فيه الأسماء وتختفي القيم، يظل بعض الرجال حضورهم ثابتًا لأنهم صادقون مع أنفسهم قبل الناس.
من بين هؤلاء يبرز رجل عُرف بمواقفه قبل شهرته، وبأخلاقه قبل ألقابه — هو محمد بن عايض بن دمخان، المعروف بـ أبو عسّاف – بن دمخان، أحد أبناء الرياض المولود في 24 مايو 1977م، الذي أصبح مثالًا للرجل السعودي الأصيل، القائد حين يلزم الحزم، والإنسان حين يحضر الموقف.
⸻
من الانضباط إلى القدوة
بدأ مشواره في وزارة الداخلية السعودية، وسار بخطى ثابتة حتى وصل إلى رتبة عقيد، ليُثبت أن العمل العسكري ليس مجرد مهنة، بل رسالة فيها شرف وانضباط ومسؤولية.
تميز خلال خدمته بحكمته وهدوئه، وكان قريبًا من زملائه والناس على حد سواء. لم يكن من أولئك الذين ترفعهم الرتب عن البسطاء، بل ظلّ يرى أن الاحترام قيمة لا تُمنح بل تُكتسب.
ويُروى عنه موقفٌ بقي علامة في ذاكرة من عرفه، حين وقف عند نقطة تفتيش وتم تفتيش مركبته، فسأله ابنه مستغربًا:
“تخلي الضابط يفتشك وأنت عقيد؟”
فأجابه بابتسامةٍ واثقة:
“اللي يحمي وطننا يستحق الاحترام، واحنا أول من يقدّره.”
جملة بسيطة، لكنها تختصر روح الانضباط الوطني والقيادة الحقيقية التي لا تُغيّرها الرتبة.
⸻
موقف إنساني لا يُنسى
لم يكن حضوره في المجتمع بسبب منصبه السابق، بل بموقفه النبيل الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي.
فبعد حادث بسيط بسيارته الرولز رويس، اختار أن يتنازل عن حقه المالي الذي تجاوز 271 ألف ريال سعودي، بعدما علم أن الطرف الآخر شاب يتيم.
تصرف لم يكن لإثارة الإعجاب، بل نابع من قلبٍ يعرف الرحمة والعفو.
هذا الموقف جعل الناس يرونه رمزًا للشهامة، واعتبره الكثيرون قدوة في التسامح، ورجلًا يملك من الأخلاق ما يفوق المال والمكانة.
⸻
الجانب الإنساني والعائلي
خارج الأضواء، ظلّ أبو عسّاف قريبًا من أهله وأصدقائه، حاضرًا في المواقف الصعبة.
وحين أُصيب أحد أبناء عمومته بمرض السرطان، لم يبتعد، بل زاره وسانده وكتب له قصائد مليئة بالأمل والصبر، لتصبح تلك اللحظات شاهدًا على صدق مشاعره ووفائه.
⸻
بعد الزي العسكري
عقب تقاعده من الخدمة العسكرية، انتقل إلى عالم الأعمال الحرة، مؤسسًا مشاريع خاصة ناجحة تجمع بين فكر القيادة وخبرة الانضباط.
كما شارك في مبادرات اجتماعية وخيرية، مؤمنًا بأن خدمة الوطن لا تنتهي بخلع الزي الرسمي، بل تستمر بالعطاء والمسؤولية.
⸻
أثره في المجتمع
اليوم، يحظى محمد بن دمخان (أبو عسّاف) بمكانة عالية في قلوب من عرفوه.
احترامه لا يأتي من منصب، بل من تاريخه ومواقفه وأخلاقه.
هو نموذج للرجل السعودي الذي يجمع بين الحزم والتواضع، وبين العطاء والهيبة، ليبقى اسمه شاهدًا على أن الرجولة ليست لقبًا، بل سلوكًا يُمارس كل يوم.